حلاوة الحب الأعظم

ثم ترى من بعد الوصل أن الناس شخوص و أشكال تمر و تنقضي و أن السيارات الفارهة حديد مطلي لا أكثر و أن ما تشتهيه هو مجرد وهم على وهم، فلا لذة تبقى و تتصل بك دائما، بل كل شيء مفارق حتى و أن بقى، فلذة الأمتلاك لا تدوم كثيرا لأكثر من ساعات و يذهب رونق الشيء كأنه لم يكون و من بعده تستزيد!
حتى الناس حولك منهم من يغيبه عنك السفر أو الظروف أو حتى طبعه اللئيم !
ثم ترى الحقيقة و أنت بعيد عنها، ترى هذا الجمال الذي في كل شيء، هذا الجمال الذي يضيء، الذي حينما يذهب تذهب عن الأشياء الجمال.
نور الله و قدرته و عجيب صنعه، هذا الجمال الآخاذ الجاذب كل كائن على هذه الأرض، هذا الجمال الذي يذهب عنك حينما تحب الأشياء لذاتها و ليس لموجدها، فيذهب عنك من أخطأت حبه و أحببت المصنوع و نسيت الصانع فذهب عنك معرفتك قيمة هذا الجمال.
كرجل رآى آلة فأعجبته و لم يعجبه صانع الآلة و بديع صنعها و مزايا آدائها و نسى العقل المدبر الذي صمم و صنع، فحينما أمتلك هذا الرجل هذه الآلة ذهب عنه هذا الأنبهار بقوتها و آدائها، و لو كان صرف أنبهاره ببديع الصنع و متانة الصناعة و

حسن التصميم لنسى المصنوع و أهتم بجمال صنعة و قوة الصانع و تصميمه البديع، و عرف دقائق هذه الصناعة بالتأمل و المعرفة أصول التصميم و التصنيع فلا يذهب عن روعه هذا الأنبهار بهذه الآلة و قوتها و أدائها.
و هذا ما نلاحظه في حياتنا اليومية، البسطاء محدودي الفكر و قليلي النظر يعجبون دائما بالمصنوع أما أهل العلم و الفكر يعجبهم هذا المهندس الغائب المحتجب الذي لا يعرفه أحد و يرى جميل صنعه و تصميمه في هذه الآلة أو هذه السيارة.
الله هو الصانع، هو المهندس الأكبر الذي يخلق لك كل شيء، هو مصدر كل الجمال في الكون، هو مصدر الرحمة، كل شيء غير متصل به يذهب عنك لأنك لم ترى عظمة الخالق بل و مجدت المخلوق فكان الجزاء أن يذهب عنك هذا الجمال.
الله هو الجمال، هو الذي فطرنا و خلقنا مجبرين على أن تسكر عقولنا بهذا الجمال و يكون غذا أرواحنا و أنفسنا، فإن لم ترى الله في هذا الجمال فقد أنفصل عن ناظريك النور الذي يجعلك ترى الجمال لأن الله نور السماوات و الأرض.
هذا الجمال الذي نراه متحد في الوجود و يتجلى بأشكال عديدة ليشهد بوحدة الوجود و في نفس الوقت أنفصال واجد الوجود عن كل موجود.
كنار أنارت فخرج منها الدخان، فهذا الدخان متصل و منفصل عن مصدره و أن ابتعد أصبح ظلمة بلا نور .
عندما تهيم في هذا الجمال عشقا و بحثا عن دقيق تفاصيل صنع خالق هذا الجمال ، لا ترى غير الله في هذا الكون و تزهد في الناس و من كل شيء لأنك مع الماجد الواجد لكل شيء في هذا العالم، أنت مع الصانع و ليس مع المصنوع الذي لا يصمد بذاته، فتأمل .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s