رائعة نزار قباني عن الحكام العرب و ممكن ان نهديها ايضا الى ما يسمى بالاسلاميين

—————————————————————————

لم يبق فيهم لا أبو بكر و لا عثمان

جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان

تساقط الفرسان عن سروجهم

و أعلنت دويلة الخصيان .

و اعتقل المؤذنون في بيوتهم و ألغي الأذان

جميعهم تضخمت أبدانهم و أصبحوا نسوان

جميعهم يأتيهم الحيض ومشغولون بالحمل و الرضاعة

جميعهم قد ذبحوا خيولهم و ارتهنوا سيوفهم

وقدموا نساءهم لقائد الرومان

ما كان يدعى ” ببلاد الشام ” يوما

صار في الجغرافيا ” يهودستان “

الله يا زمان

**********

لم يبق في دفاتر التاريخ لا سبق و لا حصان

جميعهم قد تركوا نعالهم وهربوا أموالهم

و خلفوا وراءهم أطفالهم و انسحبوا إلى مقاهي الموت و النسيان

جميعهم تخنثوا .. تكحلوا .. تعطروا

حتى تضن خالدا سوزان و مريما مروان .

الله يا زمان

**********

جميعهم موتى ولم يبق سوى لبنان

يلبس في كل صباح كفنا

ويشعل الجنوب إعصارا و إصرارا و عنفوان

جميعهم قد دخلوا جحورهم واستمتعوا بالمسك و النار و الريحان

جميعهم مراوغ منافق مزدوج جبان

ووحده لبنان يصفع يصفع أمريكا بال هوادة

ويشكل المياه و الشطآن

في حين ألف حاكم بأمرها يأخذها بالصدر و الأحضان

هل ممكن أن يعقد الإنسان صلحا دائما مع الهوان ؟

الله يا زمان

**********

هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض قمعستان ؟

تلك التي حدودها تمتد من شمال إفريقيا إلى بلاد نفطستان

تلك التي تمتد من شواطئ القهر

إلى شواطئ القتل ، إلى شواطئ السحل ، إلى شواطئ الأحزان

وسيفها يمتد بين مدخل الشريان و الجريان

حكامها يتربعون فوق رقبة الشعوب بالوراثة

و يفقأون أعين الأطفال بالوراثة

ويكرهون الورق الأبيض بالوراثة

و الشعر بالوراثة

و أول البنود في دستورها يقضي

بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان

الله يا زمان

**********

هل تعرفون من أنا ؟

مواطن مسكين في دولة قمعستان

مواطن يحلم في يوم من الأيام أن يصير في مرتبة حيوان

مواطن يخاف أن يجلس في المقهى

لكي لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان

مواطن يخاف أن يقرب من زوجته

قبل أن تراقب الدولة المكان

مواطن أنا من دولة قمعستان

أخاف أن أدخل أي مسجد

  كي لا يقال أني رجل يمارس الإيمان

كي لا يقول المخبر السري إني كنت أتلو سورة الرحمن

الله يا زمان

**********

هل تعرفون الآن ما دولة قمعستان “

تلك التي ألفها ، لحنها ، أخرجها الشيطان

تلك التي أهم صادراتها حقائب جلدية مصنوعة من جلد الإنسان

هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة ؟

حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار

و الشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار

و الديك كي يصيح يحتاج إلى قرار

و النهد كي يدور يحتاج إلى قرار

ورغبة الزوجين في الإنجاب تحتاج إلى قرار

وشعر من أحبها يمنعه الشرطي أن يطير في الريح بلا قرار

ما أردأ الأحوال في دولة قمعستان

حيث الذكور نسخة من حيث نسخة من الذكور

حيث التراب يكره الجذور

وحيث كل طائر يفر من بقية الطيور

وصاحب القرار يحتاج إلى قرار

تلك هي الأحوال في دولة قمعستان

الله يا زمان

**********

إنني مواطن يسكن في مدينة

ليس بها سكان

لها بها شوارع

ليس بها أرصفة

ليس لها نوافذ

ليس لها جدران

ليس لها جرائد غير التي تطبع في مطابع السلطان

عنوانها أخاف أن أبوح بالعنوان

كل الذي أعرفه أن الذي يقوده الحظ

إلى مدينتي يرحمه الرحمن .